في الدين والبيي ة الا ستاذ محمد السماك عم ان - المملكة الا ردني ة الهاشمي ة
في الد ين والبيي ة استخلف االله الا نسان في الا رض لعمارة الكون وبناي ه لما فيه مصلحة الا نساني ة آل ها جيلا بعد جيل وحتى قيام الساعة آما جاء في قوله تعالى: ] ÇÚö F{$# z ÏiΒ Νär't±Ρr& uθèδ [ $pκ Ïù óοät yϑ ètgó $#uρ [هود: 61] فالط بيعة هي من صنع االله والمحافظة عليها واستثمار خيراتها وعدم إفسادها بموجب نظري ة الاستخلاف هي مظهر من مظاهر احترام الا رادة الا لهي ة والالتزام بها والعمل بموجبها فقال تعالى: ] öνèδu!$u ô r& } $ Ζ9$# (#θý y ö7s? Ÿωuρ [ t Ï Å ø ãβ ÇÚö F{$# Îû (#öθsw ès? Ÿωuρ [هود: 85] فمن معالم الفساد في الا رض تغيير موازين الحياة بما يتسب ب في انقراض أنواع عديدة من مخلوفات االله من حيوان ونبات أو ما يتسبب آذلك في انتشار أمراض تفتك بالا نسان وتدم ر بيي ته الط بيعية وتحرمه من موارد أفاء االله بها عليه آان الن بي ρ أو ل من أنشا محمي ات بيي ي ة وبموجب ذلك حر م قطع شجر المحمي ة أو قتل حيوانها فقد حمى رسول االله ρ آل ناحية من المدينة بريدا بريدا : «لا ي خ ب ط (ي نزع) شجره ولا ي ع ض د (ي قطع) إل ا ما ي ساق به الجمل» من شجر المدينة شيء» وآان ρ «ينهى أن ي قطع ونرى اليوم آيف أن العالم آل ه يصرخ مستنجدا من جر اء إزالة الغابات في منطقة الا مازون في أمريكا الجنوبي ة مم ا يحرم الا نسان من نسبة عالية من حاجته إلى الا وآسجين ومما يو دي إلى تكاثف ثاني أآسيد الكربون الا مر ال ذي يرفع من درجة حرارة الا رض وبالتالي ينعكس ذوبانا للجليد في القطبين الش مالي والجنوبي وارتفاعا في مستوى البحار التي تغمر اليابسة التي بدأت تضيق با هلها من البشر إن الس ابقة الن بوي ة با نشاء محمي ة طبيعي ة بشجرها وحيوانها تشك ل قدوة حسنة ومثالا يحتذى ويمكن أن يتحق ق ذلك با حد أمرين أو بكليهما الا مر الا و ل هو حث 1 رواه أبو داود عن عدي بن زيد رواه أبو داود عن سعد بن أبي وقاص
3 الد ولة والمجتمع الا هلي على العمل معا لا قامة محمي ات حول المدن والبلدات أم ا الا مر الث اني فهو تحويل أراض وقفي ة إلى محمي ات طبيعي ة بعد تشجيرها ولا تقتصر الس ابقة الن بوي ة الكريمة على مجر د حماية الش جر ولكنها تجاوزت ذلك إلى منع صيد الحيوان في أوقات معي نة من الس نة عن المدينة بعيره» صيدها» حرام» «لا ين فر صيدها فقد قال عليه الص لاة والس لام ولا يصلح أن ي قطع منها شجرة إل ا أن يعلف رجل وقال: «إني أح رم ما بين لاب ت ي المدينة أن ي قطع عضاه ها (شجرها) أو ي قتل ρ عن الن بي وقال عن واد بالطاي ف يدعى وادي و ج «إن صيد و ج وعضاهه (شجره) وقال الا مام أبو يوسف في آتاب أن ه حر م ع ضاه فيها أربعة أميال حولها لاستبقاء العضاه (الش جر) " (شجر) قال أبو يوسف: "الخراج": "حد ثنا مالك بن أنس أن ه بلغه المدينة وما حولها اثني عشر ميلا وحر م الصيد وقد قال بعض العلماء إن تفسير هذا إنما هو إن تحريم قطع الش جر في موقع معي ن وتحريم صيد الحيوان في أوقات معي نة يشك ل أساسا لتشريع إسلامي حول المحافظة على البيي ة شجرا وحيوانا أرضا ومياه ا الم حل ى: وقد تغلغلت هذه المعاني في ثقافة المسلمين فالا مام أبو محمد ابن حزم يقول في «الا حسان إلى الحيوان بر وتقوى فمن لم ي ع ن على إصلاحه فقد أعان على الا ثم والعدوان وعصى االله تعالى» هلاك الن خل وآذلك في الز رع بل ي جبر على سقي الن خل إن آان في ترك سقيه برهان ذلك قول االله Υ: y Å ø ã Ï9 ÇÚö F{$# Îû 4 tëy 4 <uθs? #sœî)uρ ] [ [البقرة: [205 yš$ x ø9$# =Ïtä Ÿω ª!$#uρ Ÿ ó Ψ9$#uρ y^ö ysø9$# y7î=ôγãƒuρ $yγšïù وقد خرج ابن حزم بالقاعدة التي تقول: الا رض واالله لا يحب الفساد ولا يحب المفسدين إن إهمال سقي الز رع هو فساد في 2 رواه أبو داود رواه الا مام أحمد عن سعد بن أبي وق اص رواه الا مام أحمد وأبو داود عن الزبير أبو يوسف آتاب الخراج ص 104
4 إن منع الحيوان ما لا معاش له إل ا به من علف أو رعي وترك سقي شجر الث مر والز رع حتى يهلكا هو بنص آلام االله تعالى فساد في الا رض وإهلاك للحرث والن سل وفي ذلك معصية وإثم آبيران وفي مقابل ذلك حرص الن ب ي ρ على تشجيع الز راعة بهدف زيادة الث روة الن باتي ة وبما يضيف إلى البيي ة الص الحة فكان قوله الشهير: أحدآم فسيلة - أي غرسة- فا ن استطاع أن لا يقوم حت ى يغرسها فليفعل» «إن قامت الساعة وبيد وقال :ρ «لا يغرس المسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيا آل منه إنسان ولا داب ة ولا شيء إل ا آانت له صدقة» وقال: «من أحيا أرضا ميتة فهي له» غرس غرسا فله أجر ما أصابت منه العوافي» أجر فيها وما أآلت العافية منها فهو له صدقة» (5) وقال: وقال: «من زرع زرعا أو «من أحيا أرضا ميتة فله (والعافية والعافي: آل طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طاي ر وجمعها العوافي) وهذه صدقة جارية يستمر تراآم الا جر عليها باستمرار عطاء الز رع والغرس وفي ذلك تشجيع شرعي للز رع وتحريم للقطع إن الط بيعة بما فيها من مخلوقات: من بشر وشجر ونبات وثمار وحيوان تقد م للا نسان المو من منبرا للتفك ر في عظمة االله الخالق المبدع ] ÏN uθ yϑ 9$# ß,ù=yz ÏμÏG tƒ#u ô ÏΒuρ [ [الشورى: [29 Ö ƒï s% â!$t±o #sœî) öνîγïè Ηsd 4 n?tã uθèδuρ 7π /!#yš ÏΒ $yϑîγšïù ]t/ $tβuρ ÇÚö F{$#uρ إن ها وسيلة من وساي ل الت عر ف على االله الخالق البارئ المصو ر فا ذا اعتدى الا نسان عليها وشو هها فا ن ه يشو ه صورة ما خلقه االله لتكون هذه الص ورة أداة من أدوات الت عر ف عليه سبحانه وتعالى وفق ما تقول به الا ية القرا نية: ] Îû (#ρç Å ö è% [ [العنكبوت: [20 t,ù=y ø9$# r&y t/ y#ø Ÿ2 (#ρã ÝàΡ$sù ÇÚö F{$# رواه الا مام أحمد عن أنس بن مالك رواه مسلم عن جابر رواه الترمذي عن جابر رواه يحيى بن ا دم في آتاب الخراج عن أبي أسيد (5) رواه يحيى بن ا دم عن جابر بن عبد االله 3
لا تقتصر الثقافة الد يني ة بالمحافظة على البيي ة على الا سلام وحده ففي الد يانة اليهودي ة أن االله خلق الا رض ومن عليها وأن ه مالك الا رض ومن عليها واحتراما لخلق االله حر م الت شريع الد يني على اليهود حرث الا رض في الس نة الس ابعة أو استثمارها وفي المسيحية وج ه البابا يوحن ا بولس الث اني في عام 1989 م إلى مو تمر دولي حول البيي ة رسالة قال فيها:"إن احترام البيي ة مظهر من مظاهر احترام الا نسان للخالق وإن قضي ة البيي ة ليست قضي ة سياسي ة أو اقتصادي ة بل إن ها مسا لة أخلاقي ة تتعل ق بالا نساني ة آلها" ولذلك اعتبر أن تدمير الا نسان للط بيعة هو استقواء على الخالق روى لي الشاعر الكبير المرحوم عمر أبو ريشة حادثة وقعت له عندما آان صغيرا مع والده قال إن والده آان جالسا على الا رض مستندا إلى جذع شجرة في حديقة المنزل عندما فاجا ه عمر من الخلف لاف ا ذراعيه حول رقبته في حرآة تود د ومداعبة فوجي والد عمر وتطل ع إلى ابنه منزعجا وقال له: لا يا عمر لقد قطعت علي صلاتي استغرب عمر قول والده وقال له: آيف تصل ي وأنت جالس على الا رض لا ترآع ولا تسجد فرد والده: لقد آنت أتا م ل نحلة تمتص رحيق زهرة من شجرة المشمش ففكرت في ح كم االله آيف ت نبت الا رض الواحدة أشجارا وثمار ا مختلفة وآيف تمتص الن حل رحيق الز هر لتصنع منه عسلا فيه شفاء للن اس فك رت في عظمة تكامل الخلق بين شعاع من نور الش مس ووحدات من الهواء ومعادن من الت ربة وآيف يو د ي هذا الت كامل إلى تواصل الحياة وازدهارها ثم آيف أ نه بتقطيع أوصال هذا الت كامل تنقطع الحياة وتتلاشى قال لي عمر أبو ريشة إن ه تعل م من والده درسا لازمه آل حياته وأنا اعترف أنني تعل مت من عمر أبو ريشة رحمه االله درسا لم يفارقني منذ ذلك اليوم أن الص لاة عبادة ولكنها ليست آل العبادة فالتفك ر عبادة والمحافظة على البيي ة عبادة أيضا ثم أن للحياة عناصر لا تكتمل إل ا بها وبانقطاع الت واصل وبتعطيل الت كامل تتوق ف الحياة ولذلك فا ن من واجب الا نسان احترام الت وازن بين الا جناس والمخلوقات الحي ة وتجن ب الغلو في استثمار الموارد الط بيعي ة بما يو د ي إلى خلل في المعادلات وإلى 4
اضطراب في الت وازنات الا مر الذي يدفع الا نسان ثمنه غاليا جدا على الن حو الذي بدأت إرهاصاته تضرب في آل زاوية من زوايا المعمورة إن ها سن ة االله ولن تجد لسن ة االله تبديلا انطلاقا من هذه الث وابت الكوني ة التي ما آانت إل ا لا ن االله أرادها أن تكون والتي ت جمع آل الا ديان على الا يمان بها الت الية: الا نسان نظرا أقترح على هذا اللقاء الكريم مشروع الت وصية للانعكاسات الس لبي ة الخطيرة لاستمرار تدهور وضع البيي ة على سلامة ونظرا لتنامي نفوذ ومصالح المستفيدين من إلحاق الا ذى على حساب المتضررين من هذا الض رر والض رر بالبيي ة فا ن المشترآين في ندوة الد ين والبيي ة تمس كا منهم بالقيم الد يني ة الا سلامي ة والمسيحي ة التي تحترم الا نسان الذي خلقه االله في أحسن تقويم آما يقول الا سلام وعلى صورته ومثاله آما تقول المسيحي ة وعهد االله إليه بعمارة الكون واستخلفه في الا رض ليكون حافظا وأمينا على ما فيها من حياة والتزاما منهم بالت عاليم الد يني ة التي تحث على المحافظة على الحياة الا نساني ة والتي تو آ د على ضرورة احترام الحياة بكل أشكالها وأنواعها في الا نسان والحيوان والن بات يدعون إلى: أولا : ثانيا : ثالثا : الحفاظ على سلامة البيي ة ووضع حد استغلال لما تواجهه من انتهاك وتشويه وسوء توعية المواطنين إلى ضرورة وأهمي ة الحفاظ على البيي ة باعتبار أن ذلك ليس مجر د واجب اجتماعي فقط بل هو فوق ذلك واجب أخلاقي وديني أيضا تنبيه الا دارات الوقفي ة المختلفة إلى ضرورة عدم الس ماح باستغلال الا راضي الت ابعة لها في استثمارات أو أشغال تضر بالبيي ة رابعا : العمل على بلورة سياسة بيي ي ة سليمة تحترم حق الا نسان في هواء ومياه وتربة خامسا : خالية من الت لو ث الفت اك الت من ي على رجال الد ين من مدر سين بكل أشكالها انطلاقا من القيم والت عاليم الد يني ة وأي مة ووع اظ ترويج ثقافة احترام البيي ة 5
إن الحفاظ على البيي ة مظهر من مظاهر الحفاظ على تواصل الا نسان مع خالقه ثم إن ها رآن أساسي من أرآان صياغة عناصر الحياة الكريمة للذ ات الا نساني ة ولذلك فا ن ها مهم ة المواطن آل مواطن التزاما بواجبات المواطنة وهي مهم ة المو من آل مو من التزاما بقواعد الا يمان وهي أساسا مهمة رجال الد ين الملتزمين بالد عوة إلى االله والى احترام حق الا نسان في أن يتمت ع بكرامته الا نساني ة التي من االله بها عليه وأن يعيش في بيي ة صحي ة سليمة 6